فة الكمان على أجساد الموتى/ساكنة وحفار

في ليلة أكتمل فيها القمر, ولم تعترض السحاب عن الزحزحةِ عن ضوئه الفضي ليسلطه عليها وهي تعزف أرق الألحان على أجساد ساكنة, إنها ساكنة القبور , هذا مايلقبها به الناس حين يزرون القبور لأحد أمواتهم, ويستغربون وجودها في ..طيلة السنوات في هذا المكان ,ويحتقرون غرابة منظرها , حافية ذات شعر أشعث وخصلات مقدمته تغطي وجهها الشاحب, تسكن في منزلٍ قريب من القبور وبجوراها رجل عجوز (السيد حفارالقبور).

عجوزٌ مسن في العقد السادس من عمره ,فمهامه في هذه الحياة حفر القبور ودفن الموتى بها , وترحب ساكنة بهم بعزف أوتار على أضرحتهم.

فة الكمان على أجساد الموتى/ساكنة وحفار ZrF45402

تبدأ أحداث القصة من هنا..فكانت تلك مقدمة للقصة..

في ليلة من اليالي الحالكة , وضعت آيلين زهور الوتس على قبر شخصٍ عزيز ٍ عليها , وسألت له لرحمة وتتذكر ذكرايتها معه وتنذرف دمعتها على ضريحة قبره

فجأة أحست بأنامل رقيقة ترفع خصلات شعرها وتمسح دمعتها قائلةً:ماما إنكِ تبكين كالأطفال.

ضحكت آيلين ولامست يد إبنتها وقالت: لن أبكي مرة أخرى كالأطفال ياصغيرتي أعدك.

وقمات بإحتضانها بين ذراعيها حضناً شديداً.

كانت تراقبها ساكنة من وراء ثلاث قبور , فتجرأت بإظهار نفسها وذهاب إلى تلك السيدة وقامت بمحادثتها

``سيدتي مع من كنتِ تتحدثين``.

أجابتها آيلين: كنت أتحدث مع إبنتي ألا تريها إنها هنا في حضني.

تفجأت ساكنة من كلامها فقالت : سيدتي إني لا أرى إلا يداكِ المربوطتان بجسدكِ .

علمت آيلين في ذلك الوقت أنها فقط كانت في عالم من الخيال وإبنتها دوراً يمثل في ذلك الخيال

فحملت حقيبتها وورحلت دون أن تكترث بساكنة وتحادث نفسها بكلمات تأنيب:تبا لكِ أيتها الفتاة أنتِ لست ضعيفة ....ولست مجنونة....إبنتي لما رحلتِ....أخ يالا الحياة القاسية ...

شعرت ساكنة بحزن هذه الإمرأة فذهبت تركض مسرعة تناديها بأعلى صوتها ولكن لم تكترث آيلين مجداداً لها فقد عادت تهزُ رأسها وترى خيال إبنتها وتحادثها

إبنتي تعالي إلى حضني .... تعالي فلم تري من الحياة كثيراً .....لما وجهك مليئاً بدماء.... لما عيناكِ جحظتان... لا تذهبي يا ضغيرتي ... فقد جن جنوني للبحث عنكِ...

توقفت ساكنة عند طريق ما.. شعرت أنها ابتعدت عن حدود القبر فلم تعد السيدة آيلين واضحة بين البضباب..

فعادت إلى القبور مطأطأة الرأس.. مستأة لأنها لم تستطيع مساعدتها

وعادت إلى عتبة منزلها ودخلت إليه وأغلقت الباب ...

خرج العجوز ومعه الحفارة أرخى قبعته وبدأ بالحفر

سمعت ساكنة بصوت حفر يصدر من الخارج فعلمت بأن هناك جثة جديدة

أتت إلى عالم يجتاحه الغربة والظلام.

فخرجت من منزلها لترى من ياترى الجديد في هذا العالم

فقد وجدتها سيدة من الواضح أنها في العقد الثاني من عمرها

جميلة ذات شعر أشقر وطويل لكن للأسف مافئدة جمالها بعد دخولها إلى هذا العالم..

أنتهى السيد حفار من حفر القبر ثم وضع الجثة عليه... ورحل إلى منزله

لكن مازالت آيلين تحدق بقبر السيدة .. و تضع كل مخيلاتها عليها

فجأة صوت صراخِ ٍ عال ٍ يخترقُ مخيلتها ... إنه صراخ سيدتان يركضان مسرعتان إلى القبر السيدة..

وبدأ المطر بالهطول وليته لم يهطل فقد شارك هطوله أدمع السيدتان

فقد أختلطت دموعهم مع قطرات المطر

وقفت ساكنة مندهشة فرفعت دقن أحداهن وقالت : مابال لكما؟ أتعرفانها...

فردت إحدهن غاضبة: مابالكِ أنتِ.. ألا ترينَ دموعنا تنزف حزناً, إنها صديقتنا , فقد كنا مسرعات

لتوديعها .. ولم يحالفنا الحظ

أخبرنا سيد حفار بخبر وفاتها فقد كان أبشع خبر سمعناه على الإطلاق ..أستغربت ساكنة فكيف لهما

أن يعرفا سيد حفار وهو يسكن بجوار مسكنها

حيث أنه لا يخرج ولا يرى أحداً فبادرت بسألهما: كيف لكما ان تعرفا السيد حفار .. فهو يسكن

بقربي لايرى أحداً ولا يتحدث لأحد قط...

أجابت إحدهن: أنتِ لا تعلمين سيد حفاريداً.. فقد كان أسمه(نيكولاس جانت) .. كان يعمل في جامعة

هوستين التي كنا نحن الثلاث ندرس فيها..

في شقة معا..فجأتنا السنة الأخيرة .. اتت بغمضة عين.. فكانت أقسى مارأينا.. فعملوا لنا حفلة تخرج ... بعد ذلك بدأ

قسوة الأيام تُوضح...ففرقتنا وذهبت كلٍ منا على حدا مع والديها ...

منا من عشقت و تزوجت ... ومنا من ُتكمل دراستها.... ومنا من توفيت الأن...

حزنت ساكنة عليهن... فشاركتهن أحزانهم...و أقترب وقت الغروب... شعرتا الفتاتان بانهما

منهمكتان.. فستأذن ساكنة عن الرحيل

وأخبراها بأنهما سوف يعودا مرة لزيارتها ... وزيارة صديقتهم....بدأ سكون الليليغطي

المكان ...اخذت ساكنة الكمان... لتعزف االأوتار الحزينة فوق

صديقتهما... وذرفت دمعة منها...وتتسأل في نفسها:أهذه الصداقة التي لم أجرأ على تجربتها؟...

أيعقل أن الصداقة هكذا...يكترث لك شقيق.. ويبكِ لك حبيب..

ويتسارع عزفها..ملاحقاً لمشاعرها..

أصبح الصباح..وأستيقظت ساكنة..ووجدت نفسها نائمةً على الأرض..وأمامها الفتاتان يبتسما لها

ويقولان..ساكنة أتيناكِ كما وعدناكِِ..فقد أتينا

لنودعكِ..ونودع صديقتنا ..فقدعُوضنا عن صديقتنا بكِ..فأنتِ فتاة لطيفة..شاركتينا

أحزاننا...وواستينا...فنكنا لكِ شاكرتان..وستبقين في ذكرانا ..أبدا مايحينا..

يسلموووووو

» فة الكمان على أجساد الموتى/ساكنة وحفار